عن شنقيط والشناقطة / الأستاذ محمد يحيى ابن احريمو – كاتب وباحث

author
0 minutes, 4 seconds Read

أخبار اليوم.  من الانصاف أن تعترف لمدينة شنقيط المباركة بما حباها الله تعلى به من شهرة بالعلم والحج، جعلت اسمها يطلق على جميع سكان القطر ابتداء من أواخر القرن الحادي عشر، ومنذ أن تعرب معظم سكان البلاد، وضعف ارتباطهم بالمحيط التكروري وانتقلوا إلى منظومة ثقافية جديدة..

 

وقد ارتبط اسم “شنقيط، والشناقطة” في العالم العربي والإسلامي بالعلم والأدب والفصاحة، وترك لنا أولئك السفراء ذكرى عطرة في ذاكرة الشعوب العربية لا تزال حية إلى اليوم..

 

والواقع أن هذه التسمية عرفت أولا في الخارج، وعن طريق ركب الحاج الشنقيطي، ولم يكن يعرفها في الداخل إلا الخواص، ثم شاعت مع الوقت، ولعل المناطق تتفاوت في العلم بها، وقد شملت جميع أنحاء القطر، وأطلقت أحيانا على بعض أهل أزواد ووادي درعة…

 

قال سيدي عبد الله في صحيحة النقل: “وأهل هذه البلاد من الساقية الحمراء إلى السودان لا يعرفون شيئا عند أهل المشرق إلا بالشناجطة إلى الآن”.

 

ومعروف أن بعض فقهاء الحوض لم يعترف بهذه النسبة مثل محمد يحيى بن محمد المختار الفقيه الإمام الذي كان ينتسب دائما للحوض وولاتة، وقبله الشاعر محمد المختار بن الأمين بن المختار بن سيدي الأمين الجكني المحضري الحوضي (ت حوالي 1250) الذي سأله أحد المغاربة – من أهل فاس فيما أظن – قائلا: هل أنت شنقيطي أم وداني أو ولاتي؟ فأجابه قائلا:

لم أستطب شنقيط يوما لا ولم *** أك قاطنا بالشم من وادان

أخا الشهامة والجديد إلى بلى *** قصرى تنيگي الشامخ الأركان

إلى أن قال:

واليوم نحتل الصحاري بعد ما *** أودى الزمان بغصنه الفينان

كم حج بيت الله من قومي وكم *** من قارئ قارٍ وذي سلطان

تركوا الرطانة للحضارة لا ترى *** إلا فصيحا حميري لسان

 

ومع ذلك فقد نسب مشاهير من أهل الحوض إلى شنقيط، ومنهم: الفقيه محمد يحيى الولاتي نفسه فقد ترجم له صاحب شجرة النور وقال عنه: “محمد يحيى الولاتي الشريف الشنقيطي خاتمة المحققين وعمدة العلماء العاملين، وحيد عصره حفظا وفهما وعلما وأدبا”.

 

ونجد الحافظ محمد عبد الكتاني في “فهرس الفهارس والأثبات” يتحدث عن: “الطالب أحمد بن أطوير الجنة الوداني الشنقيطي الحميري” ونجده يتحدث عن الحوض كجزء “من الأصقاع الشنقيطية”. وأطلقت النسبة الشنقيطية كذلك على الشيخ ماء العينين ومحمد الأغظف بن أحمد مولود رغم أن الأخير كان ينتسب للحوض.. وكما قيل: لا تعاند منصورا..

 

وطبعت كتب الشيخ ماء العينين في حياته رحمه الله ورضي عنه في المغرب ونسب فيها إلى شنجيط.

 

وأطلقت كذلك على بعض العلماء المعاصرين الذين لم ينتسبوا إلى شنقيط كالعلامة الكبير الشيخ عبد الله بن بية حفظه الله..

 

ومن أوائل من نسب إلى شنقيط من غير سكانها الفقيه الحبيب بن أيد الأمين الجكني (ت حوالي: 1150 هـ) أحد أبرز تلامذة العلامة الإمام الطالب محمد بن المختار بن الأعمش العلوي الشنقيطي، الذي نسبه بعض معاصريه من الفقهاء المغاربة الذين ردوا عليه في مسالة سقوط شرط الناشر إلى شنقيط (راجع الدار المرصعة في تاريخ علماء درعة للناصري) هذا مع أن ابن أيد الأمين عاش في قرية “تگبة” بالحوض الغربي ودفن بها.

 

والحق أن الاسم شامل لمعظم بلادنا، وربما أطلق على بعض جيراننا في الشرق والجنوب..

 

وعلى علماء البيضان عموما مثل الشيخ سيدي المختار الكنتي الذي ترجم له صاحب الوسيط في أدباء شنقيط، وكذلك نسبه عدد من الكتاب إلى هذه البلاد رغم أنه عاش جل حياته خارج هذا الفضاء، ولا شك أننا نتشرف ونتبرك ونفتخر بانتسابه لنا، وبأصوله الشنقيطية التي لا تنكر..

 

ونفس الشيء ينطبق على العلامة حمادة الأنصاري الأزوادي الذي شاع انتسابه إلى شنقيط في بلاد الحجاز، وكذلك المناضل والأديب عبد الرحمن بن محمد الصغير بن بلعمش، سليل قرية تيندوف وأحد الأعضاء البارزين في جيش التحرير المغربي (ت: 1956م) وقد عرف بعبد الرحمن الشنقيطي رغم أنه عاش في المغرب، وانشغل بالشأن العام هناك، وظل يكافح الاستعمار الفرنسي في المغرب والجزائر، حتى توفي رحمه الله وتقبل منه..

 

وليست تسمية هذه البلاد بشنقيط إلا من باب إطلاق الجزء على الكل، كما سميت مصر والجزائر وبيزنطة ببعض مناطقها.. ولا مشاحة في الاصطلاح…

 

وهناك تسميات عديدة أطلقت على بلادنا في مراحل مختلفة كبلاد الملثمين، وبلاد المغافرة، والساقية الحمراء، وبلاد التكرور وهو اسم لم يزل مستعملا في ولاتة وغيرها إلى وقت قريب

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *