سيدي الرئيس… لا تدع الدولة العميقة تسرق منك روح الحوض الشرقي

سيدي الرئيس… لا تدع الدولة العميقة تسرق منك روح الحوض الشرقي

خطاب من قلب الشعب إلى الضمير الذي لم يمت بعد

سيدي الرئيس محمد ولد الشيخ محمد أحمد الغزواني،

جاء خطابكم في الحوض الشرقي كالنسمة الباردة على قلب وطنٍ أنهكه الصبر، وأحيا في النفوس جرعة الأمل التي خفت ضوؤها منذ غياب خطاب فاتح مارس 2019. وقد رأى الناس في كلماتكم روح الدولة التي حلموا بها، وصدق القيادة التي يعرفونها عنكم.

لكن اليوم، ومع خبر إلغاء أو تحوير المجلس الأعلى للشباب نحو شكل باهت يسهل تسلّقُه من أبناء النافذين، عاد القلق من جديد: هل تُستدعى في هذه اللحظة روح خطاب الحوض الشرقي؟ أم يُستدعى ظل “الدولة العميقة” التي خبرنا قدرتها على تحويل المؤسسات إلى دمى في يدها؟

 

فخامة الرئيس… إن الشعب معك، لكنه خائف عليك

الناس لا يشككون في نواياكم ولا ينكرون خصالكم من طيبة ونزاهة وانتماء صادق للوطن، لكنهم يخشون عليكم من منطق سياسي خطير بدأ يطل برأسه من جديد؛ منطقٍ لا يرى السلطة وسيلة لخدمة الشعب – كما يجب أن تكون – بل يراها غاية في ذاتها، تُطلب ولو كان ثمنها السكوت عن الفساد، أو التحالف مع من يُحارب إرادة الشعب، أو حتى تضييع حقوق الضعفاء.

هذه هي المدرسة التي تتغذى منها الدولة العميقة؛ مدرسة لا تبني مستقبلًا ولا تحفظ كرامةً. لكنها ليست قدرًا محتومًا، فهناك المدرسة الأخرى التي يريدها الشعب منكم: مدرسة ترى السلطة مسؤولية أخلاقية وتاريخية، ورسالةً تُحمل على الأكتاف لا تُحمل فوقها، مدرسة يقف فيها الحاكم خادمًا للوطن لا حارسًا للمكسب السياسي.

إننا نؤمن أنكم تنتمون إلى المدرسة الأولى… لكن الخوف كل الخوف من أن تُحاصروا بالثانية!

 

الدولة العميقة… حين يتقمّص إبليس وجوه البشر

الشعب يتحدث اليوم – بمرارة – عن قوة خفية تتحكم في القرار، لا تُرى ولكن تظهر آثارها. دولة عميقة تمثل “شياطين الإنس”، تتسلل إلى المؤسسات، وتُحاصر القرار، وتحول المبادرات إلى هياكل خاوية. لقد رأى الناس بوضوح أن هذه القوة استطاعت في مأموريتكم الأولى أن تُبعدكم عن روح خطابكم الأول، وتدفع البلاد نحو مسار أقل إشراقًا.

ومع ذلك، لا يزال الأمل قائمًا في أن يستطيع الرئيس التخلص منها، إذا استند إلى أولئك الذين يشبهونه في صدق النية ونقاء الضمير: أبناء لحويرثي وأمثالهم من الوطنيين الصادقين، الذين لا يرون في السلطة مغنمًا بل أمانة ومسؤولية أمام الله وأمام الوطن.

 

عد إلى نقطتك الأولى… حيث كان الوطن أكبر من الكرسي

لا نطلب منكم إلا شيئًا واحدًا: أن تعودوا إلى نشأتكم الأولى؛ إلى تلك اللحظة التي كان فيها الفقير أغلى من الوزير، وكرامة المواطن أثمن من مقعد الحكم، والحق أهم من التحالفات السياسية العمياء.

التصوف – وهو جزء من روح هذا الوطن – يقول:

> “من سعى إلى المنصب لحظّ نفسه فليس من العقلاء،
لكن من اضطر إليه لإصلاح البلاد كان تركه تقصيرًا.”

 

نحن لا نتهمكم بذنبٍ يستوجب توبة، بل نذكّركم بأن كل ابن آدم خطّاء، وأن العودة إلى الحق ليست إدانة بل مجد سياسي وأخلاقي وتاريخي.

 

ختامًا…

سيدي الرئيس،
إننا نخشى عليكم لا منكم. نخشى أن تُطوى صفحة الحوض الشرقي قبل أن تتحول إلى نهج دولة، وأن يُختزل خطابكم في لحظة جميلة بدل أن يُترجم إلى مشروع إصلاحي شامل.

إن هذا الشعب ينتظر منكم شيئًا واحدًا فقط:
أن تقولوا للدولة العميقة: انتهى عهدكم… وبدأ عهد الشعب.

فإن فعلتم، سيُسَجَّل هذا العهد لا في رزنامة السياسة فقط، بل في ذاكرة التاريخ… وفي صحائف الأمل.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *