انطلاق النسخة الأولى من معرض نواكشوط الدولي للكتاب/تماد إسلم أيديه

author
0 minutes, 0 seconds Read

أخبار اليوم.      يشكّل انطلاق النسخة الأولى من معرض نواكشوط الدولي للكتاب حدثًا فارقًا في المشهد الثقافي الموريتاني، وخطوة طال انتظارها نحو ترسيخ مكانة الكتاب في الحياة العامة، وإعادة الاعتبار للفعل الثقافي باعتباره ركيزة أساسية من ركائز التنمية الوطنية.

ففي قصر المؤتمرات (المختار ولد داداه)، أشرف معالي وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة السيد الحسين ولد مدو، مساء الاثنين، على افتتاح فعاليات هذه التظاهرة الثقافية الكبرى، التي تأتي لتؤسس لتقليد سنوي جديد في العاصمة نواكشوط، يجمع الكُتّاب والناشرين والمبدعين والمثقفين من موريتانيا ومختلف البلدان العربية والإفريقية.

ويُعد هذا المعرض، الذي يُنظَّم لأول مرة في البلاد، أكثر من مجرد فضاء لعرض الكتب؛ إذ يُمثل منبرًا للحوار الثقافي والفكري، وفرصة لإبراز الإبداع الموريتاني في شتى مجالات المعرفة والأدب، والتفاعل مع التجارب الإنسانية الأخرى. كما يجمع بين الكتاب الورقي والرقمي، ويتيح مساحات للنقاش حول تحديات القراءة في العصر الرقمي، ودور الثقافة في مواجهة العزلة الفكرية، وتعزيز قيم التنوير والانفتاح.

وقد عبّر عدد من الأدباء والناشرين المشاركين عن ارتياحهم الكبير لإطلاق هذا الحدث، معتبرين إياه “ميلادًا جديدًا للحركة الثقافية الوطنية”، ومناسبة لإعادة الثقة إلى المشهد الإبداعي المحلي، وفتح جسور تواصل بين المثقف الموريتاني ونظرائه في العالم العربي والإفريقي.

وتتميّز هذه النسخة الأولى بتنوّع فقراتها ومشاركاتها، حيث تحتضن أجنحة المعرض دور نشر محلية وعربية ودولية، وفضاءات مخصصة للأطفال والقراءة التفاعلية، إضافة إلى ندوات فكرية وأمسيات أدبية وعروض فنية، تجعل من الحدث ملتقى ثقافيًا متكاملًا يجمع الفكر والفن والمعرفة في فضاء واحد.

وقد شهد حفل الافتتاح حضورًا لافتًا للمبدعين والقراء وطلاب الجامعات، الذين تجولوا بين أجنحة المعرض في أجواء احتفالية تُجسد شغف الموريتانيين بالمعرفة والكتاب، وتؤكد مكانة الثقافة في وجدان المجتمع الموريتاني.

كما يشمل المعرض برامج موازية تُعنى بتكريم رموز الثقافة الوطنية، وتنظيم ورشات لتطوير مهارات الكتابة والنشر، إلى جانب أنشطة موجهة للطلبة والمواهب الشابة، في إطار سعي المنظمين إلى جعل المعرض فضاءً للتربية على القراءة وغرس حب الكتاب في الأجيال الجديدة.

ويأتي هذا المعرض في سياق الجهود الوطنية الرامية إلى جعل الثقافة رافعة للتنمية المستدامة، ضمن رؤية موريتانيا 2030 التي تولي اهتمامًا خاصًا بالتراث والابتكار والتعليم الثقافي، وتُشجع الصناعات الإبداعية بوصفها ركيزة من ركائز الاقتصاد الجديد.

إن تنظيم معرض نواكشوط الدولي للكتاب لا يمثل فقط إضافة نوعية للمشهد الثقافي الموريتاني، بل يعكس أيضًا تحولًا في السياسات الثقافية نحو دعم الصناعات الإبداعية وجعل الثقافة عنصرًا فاعلًا في التنمية المستدامة. فبلد “المليون شاعر” يستعيد اليوم مكانته كعاصمة للمعرفة والإبداع، بعد سنوات من محدودية الفعل الثقافي وتشتت المبادرات.

ويُنظَّم المعرض من طرف وزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، بالتعاون مع عدد من الهيئات الثقافية الوطنية والعربية، وبمشاركة واسعة من دور النشر والمؤسسات الأكاديمية، في إطار رؤية موريتانيا لتعزيز الدبلوماسية الثقافية والانفتاح على العالم.

وبقدر ما يُعدّ هذا المعرض احتفاءً بالكتاب، فهو أيضًا رسالة للأجيال الصاعدة مفادها أن الثقافة ليست ترفًا، بل ضرورة لبناء الوعي وتحصين الهوية الوطنية وصياغة المستقبل على أسس من الفكر والإبداع والمعرفة

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *