محمدٌ ولد إشدو
معالي الوزير المحترم،
بعد التحية والتقدير،
قرأت ببالغ الأسى والحزن ما كتبه حفيدكم إبراهيم با عن المحنة القاسية التي تعرض لها في وطنه، وفي مسقط رأسه نواكشوط العاصمة! وبهذه المناسبة الأليمة، جئت لأعرب لكم جميعا عن استنكاري الشديد لما تعرضتم له من إهانة في وطنكم، وعن تضامني معكم ومواساتي لكم فيما نزل بكم من أذى. ثم لألفت انتباه جميع من يهمهم أمر موريتانيا إلى ما يلي:
أولا: أن إبراهيم با قد شخص الداء أدق تشخيص وحدد علاجه حين قال: “ما عشته لم يكن مجرد إذلال شخصي؛ إنه طعنة في جسد الأمة نفسها. فإذا كان ابن نواكشوط، حفيد الوزراء والسفراء، مريضا وضعيفا قد اعتقل، واحتقر، وحرم من العلاج، وتحول إلى غائب لا أثر له، فما مصير أولئك الذين لا يملكون أسماء معروفة، ولا سند يحميهم؟ إنها وصمة عار علينا أن نسميها باسمها، وأن نقاومها”! فهل أَسْمَعَ؟
ثانيا: أن صرح الوحدة الوطنية الذي شيده في مؤتمر ألاك آباؤنا المؤسسون: المختار ولد داداه، سيد المختار انجاي، أمادو ديادي صنب ديوم وصحبهم، ووطده وسوره شباب موريتانيا الثائر الموحد عبر سبع شداد من النضال الوطني والتضحيات الغالية، كنتم أنتم معالي الوزير أحد شهود خواتمها الرائعة ومنجزاتها العظيمة (إلغاء الاتفاقيات الاستعمارية، إنشاء عملة وطنية، تأميم ميفرما الخ)، يوم كنتم وزيرا فتبنيتم بصدق سياسة الحوار مع الشباب لحد أكسبكم لقب “الحوار”! والذي كان قد تصدع في الثمانينات والتسعينات، لكن قيض الله له رئيس جمهورية قام برأبه فصلى في كيهيدي صلاة الغائب على أرواح ضحايا الطغيان الطاهرة، وقدم اعتذارا باسم الأمة إلى الأمة عما فعل سفهاؤها، وسوى ملف الإرث الإنساني، وأعاد المهجرين مكرمين إلى أرض الوطن.. هذا الصرح يوجد اليوم في خطر شديد بسبب بعض الممارسات الخاطئة!
ثالثا: وعندما يكون صرح الوحدة الوطنية “في خطر شديد” تكون الأمة والوطن في خطر شديد؛ ومثال مالي الشقيقة بارز للعيان! وعلينا أن نعلم أنه في هذا العالم المضطرب المجنون تحاك اليوم مؤامرات شريرة غايتها تمزيق وتشتيت وتقسيم وتقزيم موريتانيا! ووسيلتها ضرب بعض الموريتانيين ببعض! وأن لا سبيل لدينا للنجاة من التردي في تلك الهوة السحيقة إلا اليقظة العالية، والتشبث الحازم بوحدتنا الوطنية، والاقتداء في ذلك بالسلف الصالح، وبمقولة الرئيس المختار ولد داداه الخالدة أن: “ثنائية الأصول العرقية والثقافية لسكان موريتانيا حقيقة لا يمكن لأي قائد موريتاني أن يغيبها أو يتجاهلها دون أن يعرض وجود البلد نفسه لأخطار جسيمة” (كتاب موريتانيا على درب التحديات الصفحة 149). فاعتبروا يا أولي الألباب!
وتقبلوا في النهاية خالص الود والاحترام والامتنان