هل يشعل حكام مالي أزمات جديدة مع جيرانهم؟ أحمد محمد المصطفى

author
0 minutes, 1 second Read

أخبار اليوم.   عرفت الجارة مالي خلال الأسابيع الأخيرة تطورات أمنية وسياسية متلاحقة، كانت ذروتها المحاولة الانقلابية التي أعلن عن فشلها، فضلا عن التطورات الأمنية على الحدود، والتي وصلت أمس درجة محاصرة الحركات المسلحة – خصوصا المحسوبة على القاعدة لمدن قريبة من الحدود الموريتانية.

وقبل ذلك، كانت هذه الحركات، قد تمددت نحو مثلث الحدود المالية الموريتانية السنغالية، ونفذت بالفعل عمليات فيه، نقاط التقاطع الحدودي من الأماكن التي تعتبرها الحركات المسلحة موطنا مناسبا وجنة لأنشطتها، فهي توفر ظروفا مثاليا للتهريب بكل أنواعه، وللتداخل العرقي فيه دوره في توفير الحواضن المناسبة للعمل المسلح، كما أنها عادة تتضرر من لعنة الجغرافيا والطرفية، فتكون مهمشة وهو ما يولد إحباطا و”مظلومية” لدى سكانيها يدفعهم لتقبل أي بديل مهما كان.

من آخر التطورات المرتبطة بموريتانيا تحديدا،
– إصدار السلطات المالية قرارا بـ”منع الأجانب من الانتجاع داخل أراضيها لأسباب أمنية وعسكرية”، وهو قرار لا يخفى على أحد أنه يستهدف بالأساس موريتانيا ومواطنيها الذي اعتادوا الانتجاع منذ قرون داخل الأراضي المالية.

– إطلاق السلطات المالية حملة استهدفت متاجر الموريتانيين بالإغلاق في مدن مختلفة، وتذرعت هذه الحملة بالبحث عن “رقم تسجيل ضريبي” يدرك الماليون – قبل غيرهم – أن غالبية المتاجر لا تتوفر عليه، كما أن توقيت الحملة، والسنة المالية في نصفها الأخير أمر لافت.

– تداول مقاطع فيديو وصوتيات لموريتانيين من سكان المناطق الحدودية تتحدث عن تحذيرات صدرت لهم بالخروج من الأراضي المالية، والابتعاد عن المناطق الحدودية.

ويمكن – أيضا – فهم التراجع الكبير للجيش المالي عن المناطق الحدودية التي كانت إلى وقت قريب تحت سيطرته ضمن الإجراءات غير الاعتيادية، وربما تكون سببا أو مبررا لتصعيد ما ضد الجيران.

ورغم تصاعد خلاف حكام مالي – أو جزء منهم – مع الجارة الجزائر منذ إسقاط طائرتها المسيرة إبريل الماضي، ووصولها إلى مرحلة القطيعة الدبلوماسية، فإن حكام مالي قرروا مجددا بعث الخلاف وتصعيد نبرته من خلال إعلانهم نيتهم تقديم شكوى من الجزائر بسبب هذه القضية.

اعتاد حكام مالي منذ سطوهم على السلطة في أغسطس 2020 على شغل الماليين في معارك خارجية دائمة، فلا يخرجون من أزمة إلا أدخلوهم في أخرى، من فرنسا المستعمر السابق، إلى الإكواس، إلى السنغال خلال فترة ماكي صال، إلى الجزائر وموريتانيا خلال فترات سابقة.

ورغم محاولات موريتانيا المتكررة الحفاظ على “شعرة معاوية” معهم، من خلال تقديمها رسائل إيجابية في محطات مختلفة، بدءا برفضها التساوق مع حصار الإكواس، مرورا بتبادلها الزيارات معهم وعلى مستويات مرتفعة، وليس انتهاء بمشاركتها أخيرا – وبوفد وزاري في مؤتمر أقامه تحالف الساحل في العاصمة المالية باماكو، مع أن هذا التحالف أقيم على أنقاض مجموعة الدول الخمس بالساحل التي تعد موريتانيا صاحبة فكرتها، ومقر أمانتها العامة، وقد انتهت – واقعيا – بعد انسحاب هذه الدول منها، فإن حكام مالي على ما يبدو ظلوا على موقفهم الأقرب للسلبي من حكومة نواكشوط.

ولا يمكن هنا إغفال تأثير الأجندات الإقليمية والدولية على الأحداث المحلية، حتى ولو بدت صغيرة، فالصراع في المنطقة وعليها على أشده، وفي دهاليزه وكواليسه تستخدم كل الأرواق، وتعلب كل الجهات بما تملك من مؤثرات.

وعودا على بدء، أعود لأتساءل: هل يحضر حكام مالي لإشعال أزمات جديدة مع جيرانهم خصوصا موريتانيا؟ وهل تنجح موريتانيا مرة أخرى في تفادي انحدار الأزمة – في حال بدأت – إلى مستويات أخطر؟

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *