أخبار اليوم.     تُعد اتحادية الرماية التقليدية في موريتانيا تعبيرًا حيًّا عن أحد أوجه التراث الشعبي، وعنوانًا لمهارة عريقة ارتبطت بذاكرة البادية ومآثر الفروسية. وهي فوق ذلك، تحتل مكانة شرعية معتبرة؛ إذ تُعد الرماية من الرياضات المندوب إليها شرعًا، لما فيها من تقوية للبدن، وإعداد للنفس، واستحضار لفضائل القوة، وقد ورد في الحديث: “ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا.”.

غير أن هذا البعد الثقافي والشرعي، على ما فيه من إشراق، لا يعفينا من النظر بعين الحذر إلى ما قد ينجم عنه من مخاطر غير محسوبة، خصوصًا في ظل محيط إقليمي هشّ، تحوطه دول فاشلة، ويتهدده تسرب السلاح من كل صوب.

فوجود الأسلحة القتالية في أيدي المواطنين – ولو تحت غطاء ثقافي أو تراثي – يستدعي وقفة تأمل ومسؤولية. فليس من العقل ولا من المصلحة أن تُخلط الذاكرة الشعبية بالذخيرة الحيّة، ولا أن يُعلَّق الترفيه على مشجب السلاح. ومن هنا، فإن المقترح الأنسب أن يتولى الحرس الوطني، بوصفه مؤسسة أمنية عسكرية ذات جذور وطنية، مسؤولية الإشراف على الأسلحة وتنظيم استخدامها في مسابقات الرماية، بما يضمن السلامة، ويحول دون أي انزلاق محتمل.

كما يُقترح أن تُنشأ مصلحة خاصة لتسيير مسابقات الرماية التقليدية، تُراعي البعد الجماهيري، وتفتح الباب أمام مشاركة أوسع من أبناء الوطن، ممن لهم اهتمام وارتباط بهذا الموروث، وإن لم تكن لهم القدرة المادية على تحمّل تكاليفه، حتى يظل الترفيه تراثًا مشتركًا، لا امتيازًا طبقيًا.

الأستاذ الفقيه محمد الصحة ديدي