حياد القاضي والشعور العام بالعدالة” قرار الغرفة المجمعة رقم 06/12 نموذجا/القاضي محمد بكار

author
0 minutes, 0 seconds Read

أخبار اليوم.   يعتبر مبدأ حياد القاضي من أهم المبادئ الضامنة لاستقلال القضاء، و لعل العمل القضائي الجاد والمتبصر يقتضي أن يتحلى القاضي في ممارسته لمهنته بخصال منها الحياد، لأن القاضي لا يمكنه أن يكون مستقلا و نزيها و عادلا، ما لم يكن محايدا.
و قد أشار المشرع الموريتاني إلى هذا المبدأ في جملة من النصوص، من بينها المادة 91/2 من القانون النظامي المتعلق بالقضاء، والمادة 07/94 من القانون النظامي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، والمادتين 10/95 و 16/2006، بالأمر القانوني رقم 016/2006، والمادة 031/2020 الصادر بتاريخ 31/03/2020 المتعلق بحالة القضاة، و ما تضمنته مدونة الأخلاقيات القضائية في المادة 07/012 من مرسومها الصادر بتاريخ 07/01/2012.
و رغم تكريس المشرع لهذا المبدأ في جملة من النصوص القانونية، إلا أن ضمان تحقيقه عمليا يظل محل شك وتساؤل، ومن الأمثلة البارزة التي تساءل عن حياد القاضي، نذكر قرار الغرفة المجمعة رقم 06/2012 بتاريخ 25/04/2012 الذي أقر ببطلان الحكم الصادر عن محكمة الجنح في نواكشوط، وذلك بناء على دفع مثار من أحد الخصوم فيما يتعلق بثقة المدعي المعروض عليه، وأن لا يتجاوز أحد الخصمين في إثارة الادعاءات إلا بعد استنفاذ الطرف الآخر من مناقشتها، و من هذه العلل و الوقائع اتضح كليّة انعدام الحياد و أن القاضي جازف أن يحكم القضايا بوجه الخصم، لأن علمه بشكل دقيق و مباشر، و هو ما يفرض التنحي من طرف القاضي مما ينزل القاضي منزلة أحد هؤلاء، فيكون خصما و حكما في نفس الوقت.

و بعدا، حياد القاضي يرتبط ارتباطا وثيقا بالشعور العام بالعدالة الذي من ضرورياته الشعور بوجود محاكمات نزيهة، و قضاة عادلين مستقلين.
هذا الشعور ضروري لثقة العامة في النظام القضائي، و تسهيل عملية تنفيذ الأحكام.
و مهما بلغت استقلالية الأحكام من الناحية القانونية، فإن غياب هذا الشعور يجعل عملية تنفيذها محل نزاع من أطراف مختلفة، لا يرضيهم الحكم، مما يصير الحاكم المجيح عليه في غير مأمن.
تظهر هذه الحالة حجم خطورة تأثير الرقابة الاجتماعية على النظام القضائي، مما يتطلب تكريس الضمانات السالفة و السهر عليها، بل رغم عن وجود قوانين تضمن استقلال القضاء و حياده، و عليه يتعين أن نعمل جميعا على إعدام هذا القرار و الضبط عليه من السجلات و الأرشيف ضمانا للحياد و الاستقلالية.

القاضي: محمد بكار

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *