ذلك الجو، كما يقول القائمون على المشروع، يشكّل الخطوة الأولى نحو إعادة إدماج هؤلاء الأطفال في المنظومة التعليمية الرسمية، ومنحهم فرصة حقيقية لبناء مستقبل أفضل.
يقول المدرس موسى سيسكو، إن منهجيتهم تركز على سبعة مهارات، بينها الحفظ التي تعد مطلوبة في المدراس، والثقة في النفس والانضباط، والعمل ضمن فريق جماعي، إضافة إلى اللغات التي تعد مطلوبة وأساسية.
شراكة مع الملكي
الأنشطة التعليمية ليست وحدها ما توفره منظمة “النظراء المربون”، فهناك أيضًا حصص رياضية منتظمة، تندرج ضمن مقاربة شاملة تسعى إلى تنمية شخصية الطفل بدنيًا ونفسيًا.
فقد أبرمت المنظمة شراكة مع نادي ريال مدريد الإسباني، مكّنتها من تشييد صالات مخصصة لكرة القدم وكرة السلة، لتصبح الرياضة وسيلة لتعزيز الثقة بالنفس والانضباط وروح الفريق لدى الأطفال.
تُقام الحصص الرياضية في أوقات محددة من الأسبوع، تحت إشراف مدربين مؤهلين يعملون على دمج النشاط البدني في البرنامج التربوي، كجزء من رؤية متكاملة تستهدف بناء جيل متوازن وقادر على التفاعل الإيجابي مع محيطه.
قصة نجاح
ينظر محمد عالي إلى هذا المشروع بوصفه قصة نجاح حقيقية بعد ست سنوات من انطلاقه، فقد تمكّن من انتشال عشرات الأطفال والمراهقين من براثن التسرب المدرسي، ليمنحهم فرصة ثانية للأمل والحياة.
ويؤكد محمد عالي أن إقناع العائلات بإعادة أبنائهم إلى مقاعد الدراسة يُعدّ المرحلة الأصعب، إذ تعتمد كثير من هذه الأسر على أبنائها في الإعالة اليومية، لكن بمرور الوقت، تقتنع غالبية الأسر بضرورة تعليم أبنائها وتدريبهم على مهارات تساعدهم على تدبير شؤون حياتهم بكرامة واستقلال.
وما زالت ظاهرة التسرب المدرسي تُثقل كاهل النظام التعليمي في موريتانيا، خاصة في الأرياف والمناطق النائية، حيث تُرغم ظروف الفقر وغياب البنية التحتية التعليمية آلاف الأطفال على مغادرة المدارس مبكرًا، أو عدم الالتحاق بها من الأساس.
وفي محاولة للتصدي لهذه الظاهرة، أطلقت الحكومة الموريتانية خلال السنوات الأخيرة سلسلة مشاريع لتوسيع الخريطة المدرسية، شملت بناء آلاف الفصول الدراسية في مختلف مناطق البلاد، خصوصًا في الولايات الداخلية، بهدف تقليل المسافات بين المدرسة والمتعلم، وتشجيع الالتحاق بالمدارس النظامية.
وسبق للحكومة أن تعهّدت، في عام 2019، باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لجعل التعليم إلزاميًا حتى سن الرابعة عشرة.
وبحسب الحكومة، فإن هذا الإجراء يدخل في إطار سياسة وطنية تستهدف محاربة التسرب المدرسي، لا سيما تسرب الفتيات، موضحًا أنه سيسمح بإعداد أفضل لتلاميذ التعليم الثانوي، وتمكينهم من مواصلة تعليمهم العالي مستقبلاً.