الشناقطة واللغة العربية / محمد فال ولد بلّال

 

وكالة أخبار اليوم    كلما حل اليوم العالمي للغة العربية عادت بي الذاكرة إلى القصة التالية، والتي على صلة مباشرة بموضوع اللغة.لم تمض على مجيئي لوزارة الخارجية سوى اشهر قليلة حتى فاجأني بعض الإخوة الوزراء العرب بمنحي لقب “دكتور”..
وفي كل مرة، أصحح وأقول لهم: أنا  لست “دكتور”،، ولكنهم لا يعبأون بما أقوله، وينسبونه للتواضع ونكران الذات،،،و تكررت المسألة مرات و مرات.. يقولون لي “دكتور” و أصحح: ما أنا بدكتور”! و ذات مساء أثناء عشاء رسمي على مركب نيلي متحركـ في غاية الأناقة يدعى مركب “فرعون النيل”، سألني د.صباح السالم الصباح وزير خارجية الكويت الأسبق باحترام وأدب عن مسار دراستي للغة العربية وشهادتي فيها من أي جامعة؟ وأمام سؤاله هذا، أحسستُ بإحراج كبير وانفعال، وبدأت عواطفي تتحرّكـ ولونُ وجهي يتغيّر،،، ولكنّي تداركتُ نفسي بسُرعة، وقلت له مازحا: وهل تصدّقني معالي الوزير وأخي العزيز، قال: وكيف لا أصدقكـ وأنت ..أنت؛ رئيسنا وحبيبنا؟
قلتُ: أنا لم أدخل مدرسة عربيّة نظاميّة قط، ولا أحمل من الشهادات إلاّ:
– الشهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدا رسول الله!
– شهادة الجنسية  الموريتانية
– شهادة الدروس الابتدائية
قال مندهشا: كيف؟قلتُ لهُ: نعم؛ هو كما سمعتم معالي الوزير، لم تطأ قدماي مدرسة عربية نظامية ولا شهادة عندي إلاّ شهادة الدروس الابتدائة ممنوحة من المدرسة الفرنسية! بضاعتي المتواضعة في اللغة العربيّة مأخوذة بالكامل من المحظرة، والأسرَة، والمجتمع، والسّوق، والشارع الموريتاني.. ولا دَور فيها للمدارس النظامية والجامعات. وذكرتُ له ما يُعزى للشيخ العلامة محمد سالم ولد عدُّود رحمه الله من أنّ المشارقة يدرسون في الجامعات،، والشّناقطة في الجَوامِع، مشيرا إلى الفرق بين الجامعة والجامع.
وما إن انهيتُ كلامي حتى انبَهَرَ القَوم وتحَيّروا. بعضهم ضحكـ، وبعضهم احتار وارتَبَكـ. وفي الحال، بدأ حديث شائق وشهي عن البيت الموريتاني بصفة كونه بيئة خلاّقة ومحفّزَة ومساعِدة على التّحصيل. وامتدّ الحديث وانبَسَط ليشمل المحظرة الشنقيطية ودورها وإشعاعها.
وشيئا فشيئا، تحوّل العشاء إلى سهرة أدبيّة رائعة انشرحت لها صدور الزملاء وابتهجت قلوبهم،،، فجعلوا يشكرون ويثنون على المحاظر الموريتانية، ويزيدون في الوصف والمديح، وتأسّفوا على جهلهم بتاريخ التعليم في بلادنا.. وهكذا من فضل الله، تحوّل ضعف صاحبكم وتواضع مستواه الدراسي إلى نقطة قوة لموريتانيا ومحاظرها المجيدة وتعليمها الأصلي.رحم الله الشاعر محمد فال ولد عينينا الحسني القائل:
إن لم تقم بينات اننا عرب * ففي اللسان بيان اننا عرب

Similar Posts

التيار (نيامي) ـ قال وزير الدفاع في النيجري، الفريق أول ساليفو مودي، إن عشرة جنود نيجريين قتلوا وأُصيب خمسة عشر آخرون، في هجومين متزامنين نفذهما من وصفهم بـ”مئات المرتزقة” في منطقتي بولوندجونغا وساميرا، التابعتين لمقاطعة غوتيي غرب البلاد، قرب الحدود مع بوركينا فاسو. وأوضح الوزير، في بيان بثه التلفزيون الرسمي مساء الجمعة، أن الهجوم أسفر عن مقتل 41 من المهاجمين، وتدمير عشرات الدراجات النارية، بالإضافة إلى استرجاع عشر دراجات أخرى. وأشار إلى أن تعزيزات عسكرية تم إرسالها إلى المنطقة، حيث أطلقت قوات الجيش عملية تمشيط برية وجوية لتعقب منفذي الهجوم. وتقع مقاطعة غوتيي ضمن إقليم تيلابيري الواقع في منطقة “الحدود الثلاثة” بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، والتي تشهد منذ سنوات تصاعدا في هجمات الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية. وتعد بلدة ساميرا، إحدى المناطق المستهدفة، مقرا لمنجم الذهب الصناعي الوحيد في البلاد، الذي تديره شركة مناجم لبتاكو منذ عام 2004. وكانت هذه المنطقة قد شهدت في مايو الماضي مقتل ثمانية من عمال المنجم إثر انفجار عبوة ناسفة تقليدية. وفي سياق متصل، قتل 71 مدنيا في 20 يونيو الماضي، خلال هجوم استهدف مصلين في قرية ماندا بمقاطعة تيرا المجاورة، في واحدة من أعنف الهجمات التي شهدتها المنطقة مؤخرا. وتواجه النيجر، التي تخضع منذ العام الماضي لحكم عسكري، تحديات أمنية متعددة تشمل نشاط جماعة بوكو حرام وتنظيم “داعش ولاية غرب إفريقيا” في جنوب شرق البلاد، إلى جانب الجماعات المتطرفة الناشطة في الشريط الحدودي مع مالي وبوركينا فاسو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *