أخبار اليوم. شهدت موريتانيا في السنوات الأخيرة تحسناً ملحوظاً في مستوى تمثيل المرأة داخل مؤسسات الدولة، سواء على مستوى الحكومة أو البرلمان أو المجالس الجهوية والبلدية، إضافة إلى حضورها المتنامي داخل الأحزاب السياسية. ويأتي هذا التقدم ضمن توجه وطني نحو تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، باعتبارها شريكاً أساسياً في مسار التنمية.
المرأة في الحكومة
تشهد الحكومة الموريتانية الحالية حضوراً نسائياً بارزاً، إذ تضم 9 وزيرات من أصل 29 وزيراً، أي ما يعادل نحو 30٪ من تشكيلتها. ويعد هذا المستوى من المشاركة تطوراً مهماً مقارنة بالعقود الماضية، ويعكس التزام الدولة بترقية النساء وتمكينهن من المشاركة في صنع القرار على أعلى المستويات التنفيذية.
المرأة في الجمعية الوطنية
على مستوى السلطة التشريعية، تضم الجمعية الوطنية 41 نائبة من أصل 176 عضواً، أي بنسبة تقارب 23٪. وتمثل هذه النسبة تقدماً ملحوظاً مقارنة بالسنوات الماضية، بما يتيح اعتماد سياسات أكثر مراعاة لقضايا المرأة والأسرة ويعزز حضورها في العمل البرلماني.
المرأة في المجالس الجهوية
في المجالس الجهوية البالغ عدد مقاعدها 285 مقعداً، تشغل النساء 101 مقعد، أي ما نسبته حوالي 35٪. ويعكس هذا الحضور المتزايد نجاح السياسات العمومية في دعم مشاركة المرأة في إدارة الشأن الجهوي وصنع القرار المحلي.
المرأة في البلديات
أما على مستوى البلديات، فيبلغ عدد أعضاء المجالس البلدية 3,831 عضواً، من بينهم 1,384 امرأة، بما يمثل نحو 36٪ من إجمالي التمثيل. ويساهم هذا الحضور القوي في تعزيز دور المرأة في إدارة الشؤون المحلية ووضع السياسات التي تمس حياة المواطنين اليومية بشكل مباشر.
المرأة في الأحزاب السياسية
عرفت الساحة الحزبية الموريتانية خلال السنوات الأخيرة حضوراً نسائياً متنامياً، سواء على مستوى العضوية أو في مواقع القيادة. فمن بين 28 حزباً سياسياً مرخّصاً، تتولى ثلاث نساء رئاسة ثلاثة أحزاب:
- الناهة بنت مكناس – رئيسة حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم.
- فالة بنت مبني – رئيسة حزب حوار.
- زينب بنت التقي – رئيسة حزب نماء.
كما تفرض التشريعات المنظمة للأحزاب وجود النساء في مختلف هياكلها، بهدف دعم المشاركة السياسية وتعزيز مبدأ المساواة في تولي مواقع القيادة.
خلاصة واستلهام من روح الاستقلال
يكشف واقع التمثيل النسائي في موريتانيا عن تقدم ملحوظ، خاصة على مستوى المجالس الجهوية والبلدية، فيما تظل الحاجة قائمة لتعزيز حضور المرأة داخل البرلمان والقيادات الحزبية لضمان مشاركة سياسية أكثر توازناً.
وتأتي هذه الدينامية في سياق وطني يتزامن مع ذكرى الاستقلال، المناسبة التي يستحضر فيها الموريتانيون قيم النضال وبناء الدولة الحديثة. وهي قيم لا يمكن أن تكتمل دون إشراك المرأة بوصفها ركيزة أساسية في التنمية وصنع القرار. فتمكين المرأة ليس مجرد مطلب اجتماعي، بل امتداد لمسار التحرر الوطني وتجسيد للروح التي تأسست عليها الدولة منذ فجر الاستقلال.
إن مشاركة النساء اليوم في مؤسسات الدولة تمثل خطوة متقدمة نحو ترسيخ العدالة والمساواة، وتؤكد أن بناء مستقبل موريتانيا المزدهر لا يمكن أن يتحقق إلا بتكامل جهود بناتها وأبنائها معاً. كما يعد تمكين المرأة استثماراً حقيقياً في مستقبل البلاد، وعنواناً لنهضة شاملة تحتفل بها الأمة في كل ذكرى من ذكريات استقلالها.
