أخبار اليوم. لم تكن زيارة رئيس الجمهورية لولاية الحوض الشرقي حدثا عابرا ولا زيارة كرنفالية، فقد كانت حدثا تأسيسيا في السياسة الموريتانية، يفصح عن معالم المأمورية الثانية، وطموحات الرئيس العالية للنهوض بالوطن..
وإذا كان العنوان الرئيس للزيارة هو التنمية وإطلاق مشروع تعميم الخدمات الأساسية في جميع ولايات الوطن، فإنها كانت حدثا استراتيجيا إقليميا بامتياز، يقدم بالفعل الملموس والكلمة الطيبة المثال الموريتاني في مواجهة موجة الفوضى العارمة التي تعصف بدول الإقليم …
كان اختيار الزمان والمكان، اختيار قائد خبر الجغرافيا والتاريخ..
المكان حوض التقاء الحضارات والثقافات والأعراق، هنا ترقد أطلال عاصمة أكبر وأغني وأشهروأول امبراطورية في الغرب الإفريقي..انها امبراطورية غانة وعاصمتها ” كومبي صالح”
حوض ولاتة التي حفظت مكتباتها وعلماؤها ميراث تمبكتو، وكانت ملتقى طرق الأسانيد العلمية والطرق الصوفية..
حوض الذاكرين الله كثيرا والذاكرات الذين نشروا الاسلام عن طريق المحبة والقدوة؛ حوض الشيخ سيد احمد البكاي، والشيخ محمد فاضل بن مامين،والشيخ محمد الاغظف، والشيخ أحمد حماه الله…
حوض الفرسان الأشاوس أجداد الشيخ ولد عبدوك، أسود الصحراء الملثمين الذين قال عنهم ابن خلدون انهم يفترسون العدو كما يفترس المتوحش من الحيوان المستأنس..
حوض الجمال والذوق الرفيع، مهد الموسيقى الموريتانية التي جمعت في جوانبها وظهورها بين سواد العين وبياضها، وأعطت نموذجا خالدا للامتزاج الحضاري بين الروافد الأندلسية، والألحان الافريقية، وقصص الفروسية والنجدة التي سطرها أولاد امبارك..
الولاية الأولى سكانيا وتنمويا، والتي تحمي الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء لشبه المنطقة..
هنا على الحدود الملتهبة سار رئيس الجمهورية في موكبه بكل تؤدة وسكينة،يزرع الأمل والتنمية والاستقرار، ليقول من أقصى نقطة في تراب الوطن بيته الأثير:
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم
ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
يشد بقبضته القوية على أيدي المرابطين من أبناء جيشنا الوطني على الثغور:
سنَحْمي حِماك، ونحن فداكِ
ونَكْسُو رُبَاكِ بِلَوْنِ الأَمَلْ
وعند نِداكِ نُلَبِّي: أجَلْ
أن نعرف للجندي والمعلم مكانتهما في الوطن، ذلكم مدار خطابات رئيس الجمهورية في الحوض الشرقي..لا تنمية بدون أمن واستقرار، ولن يدوم الاستقرار والأمن ما دام الجهل والأمية سائدين..
لقد أكدت الاستراتيجيات الأمنية التي رسمها رئيس الجمهورية، تماما كما أكدت ذلك الحروب الأخيرة في المنطقة وعبر العالم؛ على أن شجاعة وإرادة ووطنية الرجال ليست سلاحا يشترى ولاتقهرها أقوى أسلحة العالم..
بناء الوطن وتعزيز لحمته الوطنية عن طريق التآزر، ونبذ الانتماءات الضيقة والتراتبيات المتجاوزة.. هو عنوان جميع خطابات رئيس الجمهورية؛ في جول،ووادان، وشنقيط، وانبيكت الاحواش..
في الحوض الشرقي يؤكد رئيس الجمهورية مرة أخرى على مشروعه الوطني الكبير، المدرسة الجمهورية: أن يجلس جميع أبناء الوطن بمختلف فئاتهم ومستوياتهم على نفس المقاعد، ويتلقوا نفس المعارف، إنه مشروع القرن بامتياز..
لقد تم تشييد آلاف الفصول الدراسية واكتتاب آلاف المدرسين، ولكن ما زال أمامنا الكثير حتى نحصل على فصول غير مزدحمة، ومدرسين متحررين من ضغوط الحياة المادية المتنامية..
جحافل المواطنين الذين تنادوا من كل حدب وصوب لاستقبال رئيس الجمهورية… جموع غفيرة هبت رجالا وركبانا وعلى كل ضامر مرحبين، بالرئيس الذي جاء حاملا عشرات المليارات للتعليم والصحة والكهرباء والماء والطرق..يثبت القلوب ويزرع الأمل وينشر الخير بين الناس..
رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، من الحوض الشرقييعكس تجربته الشخصية الثرية التي شكلت لقاء فريدا بين السيف والقلم، بين الصبر والصرامة، بين القوة والأخلاق، يعكسها على التوجهات السياسية الوطنية…
ان الرجل الذي استطاع أن يحقق أول إجماع تاريخي بين المعارضة والموالاة، ويكسب احترام دول العالم عن طريق الصبر الاستراتيجي والدبلوماسية الهادفة..
ان هذا الرجل لخليق بأن يقود سفينة الوطن بأمان للعبور نحو مستقبل واعد
