عندما يتنصل الوزير… من يحمي الطالب وحقوقه المكتسبة؟

author
0 minutes, 3 seconds Read

 

أخبار اليوم.   هناك شيء أخطر من الخطأ الإداري… وهو غياب الإحساس بالمسؤولية. فما حدث مؤخرًا مع وزير التعليم العالي ليس مجرد رد غير موفق، بل صورة مقلقة لذهنية رسمية تتنصل من واجبها وتتنكر لمبدأ قانوني ثابت:

> الحقوق المكتسبة لا تُسقطها تغييرات الأشخاص ولا تنتهي بتبدّل الوزراء.

 

قضية طلاب موريتانيين… عالقين في منتصف الطريق

تسعة طلاب من موريتانيا يدرسون الطب البشري في جامعة كفر الشيخ بمصر.
واحد منهم أنهى السنة الخامسة ولم يبق له سوى امتحان التخرج، والبقية يستعدون للعام الخامس. جميعهم التحقوا بالجامعة بموجب مقاعد اتفاقية رسمية في مجال التعليم العالي بين موريتانيا ومصر.

غير أن الجامعة أبلغتهم – مع بداية العام الدراسي 2025 – أن الاتفاقية انتهت، وطُلب منهم الحصول على إعفاء قانوني من التعليم العالي المصري. العميد الجديد رفض الاعتراف بسجلات التسجيل السابقة، وكأن الطالب هو من وقع الاتفاقية وأدار العلاقات الثنائية بنفسه!

الأخطر من ذلك… رد الوزير

حين طُرق باب وزير التعليم العالي في موريتانيا بحثًا عن دعم رسمي لجهود السفارة والملحق الثقافي، جاء الرد صادمًا:

> “هذه الاتفاقية لا تعنينا… لم نوقعها في عهدنا.”

 

فهل يُلغى الحق الأكاديمي للطالب لأن الوزير لم يكن موجودًا ساعة توقيعه؟
وهل أصبح الملحق الثقافي هيئة مستقلة؟ أم أنه ذراع تنفيذي للوزارة ذاتها؟
ثم كيف تُصرف المنح الطلابية من وزارة التعليم العالي… فإذا ظهر المشكل قيل “لا شأن لنا به”؟

القاعدة التي تجاهلها الوزير:

الإدارة استمرارية وليست “موظفًا يذهب وآخر يأتي”.
وحقوق الطالب لا تُقاس بمن وقّع الاتفاقية… بل بوجود إجراء رسمي أتاح له الالتحاق.
وإسقاط هذا الحق اليوم – بأي صيغة كانت – يُعد إضرارًا بمواطنين موريتانيين
ويقوّض ثقة الطالب في دولته قبل أن يقوّض ثقة الجامعة فيه.

لماذا القضية حساسة؟

لأن المسألة لم تعد نظرية أو إدارية… فهنا:

طالب أنهى سنة خامسة طب ويُمنع من امتحان التخرج!

وثمانية آخرون أُوقف قيدهم مؤخرًا.

وسنوات من الجهد والمعاناة قد تضيع بسبب فراغ إداري.

أما الأهم… فهو أن صمت الدولة يعني التخلي عن مواطنها في لحظة ضعف.

مطلوب الآن… تدخل رسمي مباشر

هذه القضية لا تُحل بمكالمة، ولا بوساطة ودية. بل عبر:

1. مراسلة عاجلة من وزارة التعليم العالي لنظيرتها المصرية.

2. اعتماد مبدأ الحقوق المكتسبة كأساس لاستمرار دراسة الطلاب.

3. تقديم ملف موثق يقوي موقف السفارة قانونيًا ويدعم الملحق الثقافي أمام الجامعة.

 

 

الفقرة القانونية المرفقة للاستخدام الرسمي أمام الجهات المصرية

إن الطلاب الموريتانيين المسجلين في جامعة كفر الشيخ ضمن مقاعد اتفاقية التعاون في مجال التعليم العالي بين جمهورية مصر العربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية يتمتعون – قانونًا – بحق مكتسب لا يجوز المساس به بأثر رجعي، ذلك أن:

1. الحقوق التعليمية الناتجة عن اتفاقية رسمية بين دولتين تُعد التزامًا دوليًا مستقرًا، ولا يسقط بتغيّر الإدارات أو الأشخاص؛ وهو ما تقرره القواعد المستقرة في القانون الدولي، وفي مبادئ المحكمة الإدارية العليا بمصر، لا سيما ما يتعلق بـ مبدأ استمرارية المرفق العام وعدم رجعية الإجراءات الإدارية.

2. إن تسجيل الطلاب تم استنادًا إلى ترتيبات رسمية جرت بعلم ورضا الإدارة الجامعية السابقة، الأمر الذي يُثبت توافر المصلحة المشروعة والحق المكتسب الذي يجب الحفاظ عليه وفقًا للمادة (27) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات المصرية، والتي تقرر صراحة أن الطالب الذي تم قبوله وفق مسار قانوني معترف به لا يجوز حرمانه من مواصلة دراسته لأي تغيير لاحق في الظروف الإدارية.

3. المبدأ القانوني الراسخ (المعروف فقهيًا وقضائيًا):

> “ما تأسس على إجراء صحيح يظل صحيحًا… ولا يُلغى الحق المكتسب إلا بإجراء مثله في الدرجة والجهة، وبشرط ألا يترتب عنه ضرر للطرف المستفيد.”
وقد أكدت المحكمة الإدارية العليا في مصر ذلك في حكمها (جلسة 12 فبراير 2019 – طعن رقم 24456 لسنة 62 ق)، حيث قررت أن: التغيّر الإداري لا يسقط الحقوق الأكاديمية للطالب إذا دخل الجامعة بموجب إجراء قانوني معتمد.

 

4. وعليه، فإن ضمان استمرار وضعية الطلاب الموريتانيين لا يُعد طلبًا استثنائيًا، بل هو حماية لالتزام قانوني قائم، وترسيخ لصورة مصر كدولة تحترم الاتفاقيات والتعاون الدولي في المجال الأكاديمي، بما ينسجم مع مكانتها العربية والإفريقية.

 

 

إن الطالب لا يطلب امتيازًا… بل يطالب بحقه.
والدولة التي تحترم حقوق مواطنيها، هي الدولة التي تحترم نفسها.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *