أخبار اليوم. تشهد منطقة الساحل الأوسط، وخاصة المنطقة الممتدة عبر بوركينا فاسو ومالي والنيجر، أزمة إنسانية متعددة الأبعاد، تتداخل فيها عوامل اجتماعية واقتصادية وأمنية ومناخية. فالمنافسة على الموارد الطبيعية، والتغيرات المناخية الحادة، والنمو السكاني السريع، تقترن بمستويات عالية من الفقر ونقص فرص العمل، ما يزيد من هشاشة المجتمعات المحلية. كما أن التوترات المجتمعية وغياب الدولة، إلى جانب نقص الخدمات الأساسية، يفاقم من معاناة السكان، بينما يضيف العنف الناتج عن الجماعات المسلحة وشبكات الجريمة المنظمة طبقة جديدة من التعقيد لهذه الأزمة.
نتيجة لهذه العوامل، فقد شهدت المنطقة نزوحًا جماعيًا للسكان، ليس فقط داخل الدول المتأثرة، بل امتد تأثير الأزمة إلى دول مجاورة، بما في ذلك موريتانيا والدول الساحلية. في أكتوبر 2025، بلغ عدد الأشخاص النازحين بسبب الأزمة في منطقة الساحل الأوسط 3,351,954 شخصًا، منهم 2,654,252 نازحًا داخليًا يمثلون 79% من إجمالي النازحين، بينما بلغ عدد اللاجئين 697,702 شخصًا، أي ما نسبته 21%.
توزع النازحون الداخليين بين الدول الثلاثة الكبرى على النحو التالي: بوركينا فاسو كانت الأكثر تأثرًا بعدد 2,062,534 نازحًا داخليًا، تليها مالي بواقع 345,581 نازحًا، ثم النيجر 205,514 نازحًا، وأخيرًا بنين 27,294 نازحًا. مقارنة بالعام الماضي، سجلت مالي والنيجر ارتفاعًا طفيفًا في أعداد النازحين الداخليين بنسبة 4% و1% على التوالي، بينما ظل الوضع في بوركينا فاسو دون تغيير.
وفي ظل استمرار الأزمة، بدأ تدفق النازحين واللاجئين نحو الدول الساحلية، مثل كوت ديفوار وغانا وتوغو وبنين، حيث بلغ عدد الأشخاص المتأثرين في هذه الدول 40,623 شخصًا، توزعوا على بنين 27,294، وغانا 3,158، وتوغو 10,171. ولقد سجلت بنين أكبر زيادة في عدد النازحين الداخليين بنسبة 118% مقارنة بعام 2024، بينما لم تشهد غانا وتوغو تغيرًا يذكر.
إن هذه الأزمة المعقدة تؤكد الحاجة الملحة لتنسيق الجهود الإنسانية على المستويين الوطني والدولي، لضمان حماية المتضررين وتقديم الدعم اللازم لهم، سواء عبر توفير الاحتياجات الأساسية أو تعزيز سبل العيش وتحقيق الأمن المجتمعي. فالأزمة في الساحل الأوسط وليبتاكو جورما ليست مجرد أرقام وإحصاءات، بل هي قصص حياة ومصائر لأفراد وعائلات تسعى للبقاء والحياة الكريمة في مواجهة ظروف صعبة للغاية. عن موقع الفكر
