الأسطوريُّ: اليومُ الذي اهتزَّتْ فيه عروشُ الأوهام! محمد علوش القلقمي

author
0 minutes, 2 seconds Read

أخباراليوم.   ​تتجدد اليوم ذكرى السابع من أكتوبر المجيد، ليست ذكرى عابرة لحدث مضى، بل هي تذكيرٌ بـلحظةٍ فارقةٍ شطرتْ تاريخنا نصفين، وجعلت ما بعدها ليس كما كان ما قبلها أبدًا.

 

لقد كان هذا اليوم هو الزلزالَ الأسطوريَّ الذي ضرب عواصم العالم المترفة بـغفلتها، وأعاد رسم خرائطَ ظنَّ الجميع أنها قُدِّرت نهائيًا، فإذا هي تُرسَمُ بمدادٍ جديدٍ من دمِ الشرفِ وعرقِ الكرامة.

 

​هذا هو اليوم الذي انشقَّ فيه حجابُ الصمتِ المُطبقِ لقرونٍ من الخنوع، وأماط اللثامَ عن حقيقةٍ تفوقُ كلَّ خيال؛ حقيقةُ رجالٍ لا يُشبهون إلا أنفسهم، هم أساطيرُ تجسَّدت على الأرض، صدقوا عهدَ اللهِ فصدقهم الوعدُ، فكانوا سيلًا جارفًا اقتحمَ المستحيل.

 

​كان الكيانُ يزهو بـغطرسته المُفرطة، مغرورًا بـكثرته وقدرته الفائقة، متحصنًا بـأبراج التكنولوجيا المُعقَّدة وأساطيله العسكرية التي لا تُقهر. لقد ظنَّ واهمًا أنه في مأمنٍ خلف جدرانه الإلكترونية، لكن هيهات! فما أغنت عنه كثرته شيئًا أمام إرادة الحق. لقد ضاقت عليهم الأرضُ بما رحُبت، وولَّى جيشُه مدبرًا، مُخلِّفًا وراءه صورةً مهزوزةً، وأسطورةَ سقوطٍ مُهينةً ستُدرَّسُ في كتب التاريخ العسكري كمثالٍ على هشاشة القوة أمام صلابة الإيمان.

 

​المجاهدون الذين صنعوا هذا الحدث ليسوا جنودًا عاديين، إنهم تجسيد واقعي لصحابة عليهم رضوان الله في ملحمة بدر الخالدة في جلدها وبسالتها: ​منهم من قضى نحبهُ شامخًا كالسحاب، مُقبلاً غير مدبر، مضرَّجًا بكرامةٍ لا تُساومُ ولا تُباعُ، تاركًا خلفه نورًا أزليًا سيُضيءُ دربَ الأجيالِ، نورٌ لن تنال منه عتمةٌ.

​ومنهم من لا يزالُ صامدًا يُشبه “طَوْدًا” من جبلٍ، راسخًا في موقفه، لا تهزّه عواصفُ العالم ولا تكسره مرارةُ الخذلانِ المُميت، إلا من قلةٍ شريفةٍ اصطفاها اللهُ لتكون شاهدةً على أن الحقَّ لا يموت.

 

​أتذكر جيدًا تلك اللحظات الفاصلة لـلعبور الأسطوري، حين انطلقت تلك القوة الصغيرة لـتقتحمَ ما ظنه العالمُ مستحيلًا بعينه! كانت الصدمة عامة، والذهولُ سيدُ الموقف. حتى أقرب الناس للمشهد لم تُصدق عقولهم! كانوا يرون صورةً تتجاوز حدود المنطق والتحليل، صورةَ عمليةٍ تاريخيةٍ وصمودٍ أسطوريٍّ في وجهِ جدارِ التخاذلِ المُرتفع. كان هذا اليوم هو الضربةَ القاضيةَ التي أعادت للقضية مكانتها في صدر الوعي العالمي بعد أن كاد يَطْمُرُها النسيان.

 

​إلى أهلَ غزةَ العزةِ، يا قناديلَ الصبرِ التي أضاءتْ لأمةٍ بأكملها طريقَها، أبشروا!

 

​إن اللهَ لا يُخلفُ وعدَه! لقد نصركم في مواطنَ كثيرةٍ، والنصرُ حليفكم دائمًا وأبدًا. فلتشهدِ الدنيا بأسرها أن التاريخَ الحقيقيَّ يُكتبُ بدماءِ أبنائكم وصبركم، وصمودكم الأسطوريَّ.

 

​واختم كما يختم الملثم دائماً: إنه لجهاد نصر أو استشهاد.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *