أخبار اليوم. حصرت النخب الفرنكفونية والجاليات من الطوارق في أوروبا قضية أزواد أو شمال مالي في إطار عرقي، فقد تم تصدير القضية للعالم ليس كـ”قضية شاملة” بمكوناتهم المتعددة، بل كمتمردين “طوارق” فقط.
هذا التبسيط لم يأت من فراغ، بل كان نتاجًا لترويج إعلامي غربي وعلى رأسه الإعلام الفرنسي وتبناه المثقفون الفرانكفونيون من الطوارق منذ التسعينات، الأمر الذي صعب بالفعل تغيير تلك النظرة على القائمين عليها الجدد خاصة الناشطين ذوي الثقافة العربية.
وكانت النتيجة، شعور المكونات الأخرى العريقة في المنطقة، كالعرب، الفولان، والسونغاي، بالإحراج والحذر.
وشعر هؤلاء أن القضية ليست قضيتهم، وبالحذر يقف معها من يساندها، ففقدت بذلك جزءًا أساسيًا من نسيجها الاجتماعي وقاعدتها الشعبية الواسعة.
الخطأ الثاني: الربط القسري بالأمازيغ…
ذهبت بعض أطراف وجاليات الطوارق في أوروبا ومن يشاركهم الرؤية إلى أبعد من ذلك، فربطوا القضية بشكل قسري وبشكل كلي بـ”القضية الأمازيغية” في شمال إفريقيا، وبذلك تبنوا شجرة لا تثمر لهم.
فبدلاً من أن يحصلوا على دعم سياسي ملموس من الدول التي للأمازيغ وزن فيها أو على الأقل من شخصيات وأحزاب أمازيغية، أصبحوا أداة للترويج المجاني للهوية الأمازيغية، هم من يرفعون الرايات ويكافحون، بينما المستفيد الحقيقي من هذه الشراكة غير المتكافئة هو الطرف الأمازيغي الذي يحصل على منصة دعائية عالمية مجانية.
وبهذا ارتكبوا خطأً استراتيجيًا فادحًا، جعل الدول المجاورة خاصة شمال إفريقيا ينظرون لتلك القضية نظرة المراقب الحذر بما لقضية الأمازيغ من ارتباط بشؤونها الداخلية.
الفروقات الثقافية واللغوية…
الحقيقة التي يتغافل عنها من يروج لهذه السردية هي أن الطوارق والأمازيغ قوميات مختلفة نوعا ما، لغويا وثقافيا. اللغة (اللهجة الطارقية “تماشق” مختلفة عن لهجات الأمازيغ)، وكذلك الثقافة والعادات تختلف، على عكس القوميات غير الطارقية كالسونغاي والعرب الذين يشاركونهم نفس التقاليد والثقافات حتى وإن اختلف اللسان.
وبالتالي حتى المنطقة الجغرافية لا تجمع الطوارق مع الأمازيغ بشكل مطلق ليكونوا كتلة واحدة.
بل والأكثر من ذلك، فإن غالبية مجتمعات الطوارق اليوم رغم تمسكهم بالأصول الأمازيغية، يفتخرون بانتمائهم وانتسابهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وبذلك تبنوا هوية عربية عميقة، فكيف يمكن الجمع بين الإثنين؟