معرض الكتاب لأول مرة في نواكشوط: فهل نحافظ على المظهر والنظام؟ داهي محمد الأمين أحمادو – باحث مقيم بدولة الكويت

author
0 minutes, 6 seconds Read

أخبار اليوم.   ها قد بدأنا نعي أهمية مكاننا ومكانتنا، إنها الثقافة والكتب وإخراج الكنوز التي تفردنا بها وما زلنا كذلك.

 

سُرِرْتُ كثير اً بإعلان وزير الثقافة عن أول معرض للكتاب في نواكشوط بتاريخ: من 20 إلى 26 أكتوبر 2025.

 

إن معارض الكتُب تُشكِّل بعداً تعريفيا بالبلد ورافداً اقتصاديا مهماًّ وإعلاءً من همة الناشئة والمثقفين تعلقاً بالكتاب وتحيُّزاً للثقافة وإبرازاً للنفائس والكنوز.

 

ولكي ننجح في الإعداد لمعرض كتاب جيد أود تدوين النقاط التالية:

 

أولاً:

فيما يخص الزوار:

علينا تسهيل إجراءات الحصول على الفيز وإخراجها لمن يحتاجها في الوقت المناسب، ثم الاهتمام بالقادمين من وصولهم للمطار إلى دخولهم أمكان إقامتهم والتأكد من جودتها، وتوفر الخدمات فيها بعناية ومتابعة وصرامة إضافة إلى تسريع توزعتهم في مكان المعرض، وتحديد الحيز المكاني لكل دار وعارِض حتى لا يضيع عليهم الوقت، إلى أن ينتهي المعرض بسلاسة وسلامة، ويغادروا المطارَ عائدين لبلادهم سالمين مسرورين.

 

النقل:

نظراً لأن دور النشر تحضُر لأول مرة، فقد لا تكون لديها مستودعات ولا مخازن لكتبها، أو لعلها استأجرت مخازن بعيدة من مكان المعرض، فمن المهم التنبه لذلك إرشاداً وتوجيهاً وإعداداً، وباستطاعة شركة النقل المساهمة في ذلك مع الدعاية للمعرض من خلال ملصقات على الحافلات مكتوب عليها؛ معرض الكتاب الأول في موريتانيا بألوان جميلة وكاشفة.

 

ثانيا المحتوى الوطني المعروض:

ينقسم إلى قسمين:

– كتب ومجلات ومخطوطات ومحاضرات وبرامج قناة المحظرة وإذاعة القرآن وغير ذلك،

– محتوى مَرْوِي مَحْكِي، وسأركز على هذا الأخير لأنه كنز معرفي من التجربة والخبرة والتَّفَرُّد،

هذا الركن ينبغي أن يركز عليه ويعطى حقه من خلال محاضرات يقدمها علماء ومثقفون من أهل الاختصاص حيث تخصص قاعة للعروض والمحاضرات، ويعلن الجدول ويوزع في نشريات على موقع المعرض قبل بدايته بأسبوع إن أمكن.

 

الجانب الثاني: تجسيد ليوميات المحظرة في ركن مخصص لذلك يوجد فيه إقامة لطلاب محاظر مع أساتذتهم، جانب للقرآن وجانب للعلوم الأخرى تبرز كل التفاصيل: من القيام وقت السَّحَر، ولو كان هناك تجسيم للنار والحطب وإحاطة الطلاب بها وهم يمسكون بألواحهم صغاراً وكباراً في مشهد من الإجلال والإكبار للعلم وأهله وتجسيم لشُجَيرات متوزعة متناثرة يَسْتَظِل بها الطلاب أو كثبان رملية يجلس عليها الطلاب في “لَكًمَيْرَ” لكان أفضل.

 

ثم مواصلة المفردات اليومية من عرض الطلاب “لِكَتْباتِهم” وأخذ حصة جديدة تبدأ بتهيئة الدواة والقلم  إلى “اتْشَفْتِ” “والتَّشْكًار” لمن هم في سن الاستعداد للإجازة والتمرن على الرسم العثماني إلى “الزّركً في الرسم من خلال وجود دائرة ترابية في المعرض مخصصة للتَّثْلاث والاختبار الكتابي  إلى تجسيد الزركً في جودة  الحفظ في الليل ووجود خيمة مجسمة يمسك الطالب ببابها أو “اظْهُورَتْهَ”  وهو يضع كُمَّهُ على رأسه ويقرأ بصوت مرتفع أثناء اختباره أو زَرْكًه على لغتنا وانتهاءً بعرظة القرآن الأخيرة “الختمة” وكتابة الإجازة.

 

ثم الانتقال لتجسيد تدريس العلوم الأخرى من مختصر خليل من خلال أقفاف أو أنصاص وتعليل ذلك، ثم دراسة اللغة وغيرها من خلال الطرر والحواشي “والتَّكرار”، وتثبيت ذلك بالزركً أو الاختبار في الإعراب.

 

إن التركيز على هذا الجانب وإبرازه في معرض الكتاب سيقدمنا في صورتِنا التي بها عُرفنا وتميزنا، وسيجعل من بلدنا وجهة عالمية رائدةً لتَعلم وتعليم العلوم الشرعية واللغوية مما ينعش السياحة المعرفية ويوفر الفرص ويجلب الاستثمارات ويوطن المعرفة ويزيد من عمرها وديمومتها واستمرارها في بلدنا.

 

من الأمور التي ينبغي علينا التنبه لها اختيار الأسماء ذات الدلالة في دور نشرنا الوطني مثل دار شنقيط دار المنارة والرباط دار أربعين عالما، وهكذا..

 

من يوميات المعارض كذلك كما هو معلوم زيارات طلاب المدارس للمعرض من خلال تفويج مجموعات من الطلاب والطالبات في أوقات الصباح في ساعات محددة في أيام محددة إذ يجب ألا نهمل هذا الجو الاحتفالي فهو غرس معرفي، وتعود وتعويد على مسلك حميد، ولكن يجب أن يكون بتنظيم وأن يرشد هؤلاء الطلاب والطالبات ويوجهوا بالتوجيهات المناسبة وتُشعر المدراس وتخصص لها أوقات للزيارة والمغادرة في جو من الاحترام والنظام.

 

خاتمة:

معرض الكتاب فرصة مهمة وموسم للسياحة المعرفية ونافذة للتعريف بالبلد بثقافته بمخطوطاته بكتبه بمحطاته التاريخية ومدائنه التراثية الرائعة، فيجب استغلاله من خلال تعريف الزوار بشنقيط أرض المنارة والرباط والشعر والشعراء والحفظ والموسوعية والاستظهار.

 

إن إرشيف قناة المحظرة إرشيف رائع ونادر فينبغي إبرازه وإطلاع الزائرين عليه.

 

فهذا الحدث فرصة ولن ينجح إلا بتكاتف جهود الجميع من وزارات وشركات ومؤسسات وأفراد وتغطية إعلامية متميزة.

 

علينا جميعاً أن ندرك أمراً مهما ونستثمره وهو أن هذه المخطوطات وهذه الكتب وهذه المدائن التاريخية والتي أطلق على أحد شوارعها في يوم من الأيام شارع 40 عالما هي التي رفعت بلادنا، وهذه المكتسبات هي التي جعلت المئات من الأئمة والخطباء اليوم يرفعون اسم بلدهم كل جمعة ومكنت العشرات من القضاة والباحثين الشرعيين واللغويين من التصدر ورفعت العشرات من الإعلاميين عن أقرانهم من العلم العربي مسافات ومسافات في الإذاعات والمجلات والقنوات الدولية.

 

أخيراً، إن حضور 70 داراً وعارضاً في أول معرض وطني للكتاب يعد مكسبا جيدا ونجاحاً مقدًّراً، ولكن هل ننجح في المحافظة على المظهر المحترم والتنظيم المحكم؟

 

دامت شنقيط ودام عطاؤها وألقها.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *