أخبار اليوم. في البناء المؤسساتي للدولة، يشكل الوالي حلقة مركزية في تنزيل السياسات العمومية على المستوى الجهوي؛ فهو ممثل السلطة التنفيذية والمسؤول الأول عن تجسيد رؤية الدولة في ولايته، ليس فقط من زاوية الأمن والنظام العام، بل – وهذا الأهم – من زاوية التنمية والتخطيط الاستراتيجي. غير أن هذا الدور كثيرا ما يتعرض للإهمال أو يفرغ من مضمونه، ليتحوّل الوالي إلى مجرد موظف إداري روتيني، بدل أن يكون فاعلا تنمويا يمتلك تصورا متكاملا لحاجات مجتمعه وأولوياته.
فالوالي، بحكم موقعه، هو الأقدر على تشخيص مشكلات منطقته، وقيادة ديناميكية محلية تتكامل فيها الجهود الرسمية، والموارد الجهوية، والمبادرات المجتمعية. ومن مهامه الأساسية تحفيز الاستثمار المحلي وتسريع إنجاز البنى التحتية وضمان عدالة توزيع الخدمات الأساسية، بل وتفعيل آليات التشاور والتخطيط التشاركي. غير أن هذا التصور يتطلب شخصية إدارية ذات كفاءة عالية، تجمع بين المعرفة بتقنيات التسيير، وفهم عميق للسياق الاجتماعي والاقتصادي للولاية.
إن الدور التنموي للوالي لم يعد ترفا أو خيارا إضافيا، بل بات ضرورة في دولة تسعى إلى تقليص الفوارق الجهوية وخلق أقطاب نمو في الداخل وتثبيت الاستقرار الاجتماعي من خلال تنمية منصفة ومستدامة. ومن هنا، فإن نجاح الدولة في تحقيق أهدافها الإنمائية بات مرهونا، إلى حد بعيد، بقدرة الولاة على التحول من مجرد منفذين للتعليمات، إلى صناع رؤية، ومديري مشاريع، وشركاء فاعلين في هندسة التنمية على المستوى المحلي.
وإذا لم يعاد الاعتبار لهذا الدور، وظل دور الوالي مختزلا في بروتوكولات المناسبات وإدارة الملفات اليومية والحرص على الظهور في نشرات الأخبار المصورة، فإن الولايات ستظل تعيش على هامش الزمن التنموي، لتفقد الدولة بالتالي واحدة من أهم أدواتها في تجسيد حضورها العادل والناجع في حياة المواطنين
الشيخ ولد أحمد مدير وكالة كيفه للأنباء