وزير الثقافة الموريتاني من الجزائر: الحسانية جوهرة لغوية نادرة

author
0 minutes, 3 seconds Read

أخبار اليوم.   وصف وزير الثقافة الحسين ولد مدو، الحسانة بأنها “جوهرة لغوية نادرة تتجاوز مهمة التواصل والتعاطي لتشكل منظومةً متكاملةً من الأخلاق والقيم والمثل والمفاهيم، حاملة صفاء الصحراء، وصدق الصحراء في دواوين الشعر والأمثلة والحكمة والسرديات، وفي متون الفقه والأصول واللغة والتاريخ والفلسفة”.

 

جاء ذلك في كلمة له خلال مشاركته في افتتاح تظاهرة “الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية” لعام 2025.

 

وأوضح ولد مدو أنه “حين نحتفي بالحسانية، فإننا نحتفي بذلك اللسان الجميل المكتنز مجازا ورمزا؛ ذلك اللسان الذي رسمته ألسنة الرمل وظلال الخيام وحنين النوق وأريج الكتب وصهيل الخيل؛ إنه شذا الصحراء حين تنثر في القلوب نشيد البادية والأصالة والانتماء والجمال”.

 

ولفت إلى أن “الثقافة الحسانية لا تعتبر امتدادًا فقط للغة؛ وإنما هي امتداد -أكثر من ذلك- للكينونة، واستحضارٌ للتاريخ والماضي، عبر أحاديث الفتوة وأشجانها، إنها نمط حياة تسوسه المروءة والكبرياء والأنفة والعزة والشجن والبوح والأريحية والإرادة والنزوع إلى الحياة”.

وقال ولد مدو إن موريتانيا أحد هم حواضن الحسانية، ومركز إشعاعها العلمي والأدبي، حيث نمت هنام وترعرعت وشبت”.

 

وأضاف: “من بين تلك الربى والتلال ناغى الصغار أول مرة بالحسانية، ومن بينها، أيضا، خرجت قواميسها العلمية والأدبية ثرية معنى ومبنى؛ فصدح بها إنشاء وإنشادا شعراؤها وأدباؤها وعلماؤها وفقهاؤها وفنانوها، فتغنى بها ولد أنجرتو، وترنم بها ول هدار، وصدح بها محمود امانه.. شدوا بها شعرا ونثرا، دون إيقاع، وعلى وقع “أزوان” حين تلاعب الأنامل “التيدنيت” أو “آردين” أو “الگمبره” أو “الگيتار”، أو حين تشاكس رقصات الزفير ثقوب”النيفاره”.

 

وتابع: “ثقافة تعاطتها تلك البلاد منذ عديد القرون، وتداولها المئات، بل الآلاف من قامات الأدب الحساني الموريتاني السامقة، وما زالت مفرداتها العميقة تشنف الأسماع بكل أناقة وشعرية، راسمة مسارات فاتنة من الجمال والالتزام والمعنى، معبرة عن كل المشاعر التي يمكن للإنسان حملها من فرح وترح وحب وكره، وحتى لا مبالاة”.

 

وأكد على أنى اختيار الجزائر “ذات الإرث الثوري والثقافي العريق، لتكون عاصمة للثقافة الحسانية، هو اختيار بليغ الدلالة؛ لأنه يؤكد أن الحسانية موروث مشترك لأبناء هذا الفضاء الحر الذي لم تعرف حدوده القيود الإدارية إلا حديثا؛ وإنما رسمته القوافل والقصائد والمجالس، والعلاقات الأخوية الإنسانية الضاربة في الجذور”.

 

وأشار ولد مدو إلى أن التحديات التي تواجه الثقافة الحسانية “تتجلى في الزحف الجارف للعولمة، وتآكل الذاكرة، وتراجع أدوات التوريث الشفهي”.

واعتبر أن هذه التظاهرة  “بما تحمله من مضامين ورهانات تمثل فرصة ثمينة لتجديد العهد مع هذا الموروث، وتطوير أدوات صونه وتوثيقه ونقله، وتمكين الأجيال الجديدة من التفاعل معه ليس كتراث جامد؛ بل كمصدر للهوية، وأفق للإبداع، ومجال للإنتاج الثقافي والفني والتنموي”.

 

وقال إن الحكومة تعكف على تنفيذ استراتيجية وطنية للنهوض بالثقافة الحسانية، تشمل التوثيق، والدعم المؤسسي، وتطوير الصناعات الإبداعية ذات الصلة، وتعزيز حضور الحسانية، وتشجيع البحوث الأكاديمية، وتنظيم المهرجانات المتخصصة.

 

وخلص ولد مدو للقول: “إن ما يجمع موريتانيا والجزائر أعمق من أن يُختزل في العلاقات الرسمية، إنه تاريخ مشترك من الكفاح، وأفق مشترك من الأمل، وأرضية واحدة من الثقافة، وها نحن اليوم نكتب صفحة جديدة من هذا التاريخ الثقافي، من خلال هذه التظاهرة المباركة، التي نرجو أن تكون فاتحة لمبادرات أخرى، ترسّخ البعد الثقافي في علاقاتنا الثنائية”.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *