أولاً: إن مراكز القوى الإقليمية والدولية ليست دائمة الثبات، بل هى متغير وفقًا للظروف المحيطة والأحداث الجارية، وما أكثر الإمبراطوريات التى ازدهرت وتألقت ثم تدهورت وانتهت، ذلك أنه من العسير أن نتصور أن يكون هناك تألق دائم وانتصار مستمر.
ولو راجعنا خريطة المنطقة فى المائة عام الأخيرة لوجدنا ما يشير بوضوح إلى ازدهار دول وتراجع أخرى، بما يؤكد ما ذهبنا إليه من أن ميزان القوى يتأرجح من فترة لأخرى وفقًا لعوامل عسكرية واقتصادية وسياسية أيضًا.
وهل يشك أحد فى أن هزيمة 1967 قد أضرت مصر وبعض دول المنطقة العربية على نحو غير مسبوق، فى الوقت الذى أدت فيه إلى تغييرات اقتصادية جذرية سمحت بانتقال القوى من منطقة إلى أخرى داخل ذات الإقليم ومن دولة إلى غيرها وفقًا لظروف كل منها.
ثانيًا: إن الثورات المفاجئة والاضطرابات السياسية تغيّر مجرى الأمور بشكل ملحوظ، فالإصلاح السياسى هو الأولى بالوجود فى هذه المنطقة من العالم بدلا من الثورات القائمة على انقلابات سياسية وعسكرية ربما لا تكون مفيدة على المدى الطويل، والنماذج على ذلك كثيرة، كما أن نمط الزعامة يؤدى إلى عثرات مربكات على الطريق مثلما جرى فى العراق وفى ليبيا تحت زعامات حدية ديكتاتورية غيرت مجرى التاريخ فى كل منهما.
ثالثًا: إن التحالفات القائمة والانقسامات المحتملة والسرعات المتفاوتة فى العلاقات الإقليمية قد لعبت بدورها فى التأثير المباشر على مكانة الدول وقدراتها المستقبلية وأوضاعها الجيوسياسية، كما أن أشكال الحكم ودرجات التفاوت الديمقراطى وظهور قيادات متميزة هى أيضًا عوامل تلعب دورًا فى تكريس مكانة البعض وانهيار البعض الآخر، بحيث تصبح الصورة النهائية مختلفة وفقًا للأوضاع السائدة والظروف الطارئة.
هذه فى عجالة نظرة تركزت حول موازين القوى وما يدور من صعود فى العلاقات الدولية والإقليمية المعاصرة.
نقلا عن “الأهرام“