أخبار اليوم. نظم مركز رسالة السلام للدراسات والبحوث بنواكشوط طاولة مستديرة تحت عنوان: العودة الي القرآن أمن وأمان المسلم مساء اليوم الجمعة 25 إبريل 2025 بمقر المركز بنواكشوط.
استهلت الطاولة المستديرة بكلمة لرئيس المركز الأستاذ حي معاوية حسن، جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل القرآن هدى ونورًا، وسبيلاً للفوز والنجاة، والصلاة والسلام على من أُنزل عليه الكتاب ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
السادة الحضور،
ضيوفنا الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسرّني ويشرّفني، باسم مركز رسالة السلام للدراسات والبحوث، أن أرحب بكم جميعًا في هذا اللقاء المبارك، الذي يجمعنا هذا المساء حول طاولة مستديرة عنوانها: “العودة إلى القرآن أمنٌ وأمانٌ للمسلم”.
إن اجتماعنا اليوم ليس مجرد مناسبة فكرية عابرة، بل هو محطة من محطات التأمل والتدبر في سبيل النجاة، ودعوة جادة للعودة إلى الأصل الذي لا يتغير، والمرجع الذي لا يُبدَّل، إلى كلام الله تعالى، الذي فيه الشفاء من كل فتنة، والحل لكل معضلة، والطمأنينة لكل قلبٍ أنهكته الفتن والاضطرابات.
إننا في مركز رسالة السلام، الذي يعمل بتوجيهات المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي، نؤمن أن العودة إلى القرآن ليست فقط استئنافًا للصلة الروحية بالوحي، بل هي أيضًا بدايةٌ لتأسيس وعيٍ جديد، يربط الإيمان بالفعل، ويحوّل القيم القرآنية إلى مشاريع أمنٍ وسلامٍ في حياة المسلم ومجتمعه.
فشكرًا لكم على تلبية الدعوة، وحضوركم الكريم الذي نعتز به.
ونسأل الله أن يجعل هذا اللقاء فاتحة خير، ونقطة انطلاق نحو مزيد من التفاعل والتبصّر، خدمةً لديننا، ووفاءً لرسالة القرآن العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وتناول الكلام بعد ذلك الأستاذ الولي ولد سيدي هيبه، الذي تحدث عن المكانة السامقة للقرآن الكريم كمرجعية إسلامية، لمن أراد الهدى والنجاح والفلاح دنيا وأخرى.
وأشاد بالفكر التنويري للأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، وتحدث عن ملامح ذلك الفكر ودوره في إيقاظ المسلمين وإعادتهم إلى جادة الأمان، والطريق المستقيم..
وتحدث الأستاذ الولي ولد سيدي هيبة عن الحل الإسلامي المستمد من القرآن لمشاكل البشرية.
وتناول باستفاضة محاور الفكر التنويري المستمد من القرآن الكريم.
ثم تناول الكلام الدكتور محمد حبيب الله، وجاء في مداخلته:
تحية شكر وتقدير
بكل إجلال وتقدير، نتوجه بخالص الشكر والعرفان إلى صاحب الفكر المستنير، وصاحب رسالة السلام العالمية، تلك الرسالة التي ما زالت تُؤتي أُكُلها في بث روح التلاقي، وإحياء معاني التدبّر، وجمع القلوب حول القيم القرآنية الخالدة المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي.
وممثله في غرب أفريقيا حي معاوية
لقد كان لرسالتكم المضيئة الفضل، بعد الله، في اجتماعنا هذا، حيث ننهل من معين النور، ونتأمل بعمق عنوان هذه الندوة: “العودة إلى القرآن أمن وأمان للمجتمع”.
هذا العنوان الذي لامس حاجتنا الملحّة، كمجتمعات وإنسان، إلى مرجعية الهُدى والسلام، في زمن تتنازع فيه الأصوات، وتضيع فيه البوصلة.
نُكبر فيكم هذا الإصرار على أن يظل القرآن حيًا في واقع الناس، لا حبيس الرفوف، وأن يُقرأ لا للتبرك فقط، بل للتدبر والعمل والتغيير.
جزاكم الله عنا خير الجزاء، وأجزل لكم المثوبة، وبارك في علمكم وجهودكم، وجعل هذه الرسالة نورًا يمتد أثره في القلوب والعقول، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..
العودة إلى القرآن: أمن وأمان للمسلم
في عالم تتسارع فيه المتغيرات وتضطرب فيه القيم وتتشابك فيه الرؤى، تبرز الحاجة الملحة إلى مرجعية ثابتة تهدي الحائر وتطمئن القلق وتثبت الأقدام في دروب الحياة المتشعبة. وليس للمسلم مرجعٌ أصدق ولا أنفع من كتاب الله، القرآن الكريم، الذي جعله الله نورًا وهُدى ورحمة للعالمين. ومن هنا، فإن العودة إلى القرآن تمثل أمنًا وأمانًا للمسلم، على المستويين الفردي والمجتمعي.
القرآن منهج حياة
القرآن الكريم لم ينزل ليُتلى فحسب، بل أنزله الله ليُعمل به، ويُهتدى به، ويُبنى عليه تصور الإنسان للكون والحياة والإنسان. إنه كتاب شمل العقيدة والعبادة، والأخلاق والسلوك، والتشريع والسياسة، والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية. فحين يعود المسلم إلى القرآن، يعود إلى مصدر متكامل يرسم له الطريق القويم في كل مجالات الحياة.
الأمن النفسي والروحي
القلق والاضطراب من أمراض العصر، وكثيرًا ما تفتك بالإنسان في غمرة بحثه عن المعنى والاستقرار. وفي ظل هذه الفوضى الروحية، يفتح القرآن للمؤمن أبواب الطمأنينة والسَّكينة، كما في قوله تعالى:
“الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب” (الرعد: 28).
فذكر الله، والأنس بكلامه، يمنح النفس راحة لا توصف، ويعيد للإنسان توازنه الداخلي.
الأمان المجتمعي
المجتمع الذي يتأسس على قيم القرآن هو مجتمع يسوده العدل والتراحم والتكافل. في القرآن نقرأ:
“إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى…” (النحل: 90).
وهذه المبادئ إذا سادت، شعر الناس بالأمان في معاملاتهم، وقلّ الظلم، وزال الاستبداد، وتحققت الكرامة الإنسانية. فالقرآن ليس فقط مصدر نجاة فردية، بل هو قاعدة لبناء مجتمعات مستقرة وآمنة.
حصن منيع من الفتن
في زمن كثرت فيه الفتن وتنوعت مصادر التضليل، يحتاج المسلم إلى مرجعية تحفظ له دينه وتبصره بواقعه. والقرآن هو النور الذي لا يَخبو، قال تعالى:
“قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين” (المائدة: 15).
فمن تمسك به نجا، ومن أعرض عنه ضلَّ وخاب. العودة إلى القرآن تعني التمسك بالحبل المتين الذي لا ينقطع، مهما تهاوت من حوله الحبال.
دعوة للتجديد والبناء
العودة إلى القرآن لا تعني العودة إلى الماضي بمعناه الجامد، بل هي عودة إلى جوهر الرسالة، إلى روح الدين، إلى المبادئ الكبرى التي تتجاوز الزمان والمكان. إنها دعوة لتجديد الفهم، وتطوير الخطاب، وبناء المستقبل على أساس من الهُدى الرباني. القرآن كتاب حيٌّ، يخاطب كل جيل بلغة حياته، ويمنحه البصيرة لتجاوز تحدياته.
خاتمة
في عالم يسوده الاضطراب والبحث عن معنى، تظل العودة إلى القرآن أمنًا من الضياع، وأمانًا من القلق، وبناءً للذات والمجتمع. فهنيئًا لمن جعله دليله، وهنيئًا لمن تلاه وتدبّره وعمل به. إنه وعد الله الصادق:
“إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم” (الإسراء: 9).
ثم تناول الكلام الأستاذ سيدي انجاي الذي تحدث عن الموضوع باستفاضة باللغة البولارية.
وشهدت الطاولة نقاشات وتعقيبات متنوعة ومتخصصة.